منتدى ابو حذيفة السلفي البرلس



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى ابو حذيفة السلفي البرلس

منتدى ابو حذيفة السلفي البرلس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى ابو حذيفة السلفي البرلس

منتدى ابوحذيفة السلفي* منتدى اسلامي شعاره الكتاب والسنة بفهم سلف الامة *قال شيخ الإسلام ابن تيميه:لاعيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه، واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالإتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا


    العلماء يبينون عجائب صنع الله في خلقه

    ابوحذيفه
    ابوحذيفه
    Admin


    عدد المساهمات : 206
    تاريخ التسجيل : 10/09/2010

    العلماء يبينون عجائب صنع الله في خلقه  Empty العلماء يبينون عجائب صنع الله في خلقه

    مُساهمة  ابوحذيفه الإثنين سبتمبر 13, 2010 1:55 am

    من عجائب القرود
    ومن عجيب أمر القرود ما ذكره البخاري في صحيحه ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : رأيت في الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، فهؤلاء القرود أقاموا حد الله حين عطله بنو آدم .
    12- من عجائب البقر
    وهذه البقر يضرب ببلادتها المثل ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنّ رجلاً بينما هو يسُوق بقرة إذ ركبها فقالت : ( لم أخلق لهذا ) فقال الناس : سبحان الله بقرة تتكلم ؟! فقال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ ) .
    قال : ( وبينما رجل يرعى غنماً له إذا عدا الذئبُ على شاة منها فاستنفذها منه ، فقال الذئب : هذه استنفذتها مني ، فمن لها يوم السبُع يوم لا راعي لها غيري ) ، فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني أومنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثمّ ) .
    13- من عجائب الفئران
    ومن عجيب أمر الفئران أنها إذا شربت من الزيت الذي في أعلى الجرة فنقص وعزّ عليها الوصول إليه ذهبت ، وحملت في أفواهها ماءً وصبته في الجرة ، حتى يرتفع الزيت فتشربه .
    14- من عجائب الحيوان استخدامه الدواء
    والأطباء تزعم أن الحقنة أخذت من طائر طويل المنقار ، إذا تعسر عليه الذرق جاء إلى البحر المالح ، وأخذ بمنقاره منه واحتقن به ، فيخرج الذرق بسرعة .
    وهذا ابن عرس والقنفذ إذا أكلا الأفاعي والحيات عمدا إلى الصتر النهري ، فأكلاه كالترياق لذلك .
    وهذا الثعلب إذا أصابه صدع أو جرح يأتي إلى صبغ معروف ، فيأخذ منه ، ويضعه على جرحه كالمرهم ، والدبّ إذا أصابه جرح يأتي إلى نبت قد عرفه ، وجهله صاحب الحشائش ، فيتداوى به فيبرأ !
    15- تعلم الإنسان من الحيوان
    وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوانات البهم أموراً تنفعه في معاشه وأخلاقه وصناعته وحربه وحزمه وصبره ، وهداية الحيوان فوق هداية أكثر الناس قال تعالى : ( أمّ تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون عن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً ) [ الفرقان : 44 ] قال أبو جعفر الباقر : والله ما اقتصر على تشبيههم بالأنعام ، حتى جعلهم أضل سبيلاً منها ، فن هدى الأنثى من السباع إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياماً تهرب به من الذر والنمل ، لأنها تضعه كقطعة من لحم ، فهي تخاف عليه الذر والنمل ، فلا تزال ترفعه وتضعه وتحوله من مكان إلى مكان حتى يشتد .
    وقال ابن الأعرابي : قيل لشيخ من قريش : مَنّ علمك هذا كله ، وإنما يعرف مثله أصحاب التجارب والتكسب ؟ قال : علمني الله ما علم الحمامة تقلب بيضها حتى تعطي الوجهين جميعاً نصيبهما من حضانتها ، ولخوف طباع الأرض على البيض إذا استمر على جانب واحد .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك اللجاج في الحاجة والصبر عليها وإن استعصت حتى تظفر بها ؟ قال : مِنْ علم الخنفساء إذا صعدت في الحائط تسقط ، ثم تصعد ، ثم تسقط مراراً عديدة ، حتى تستمر صاعدة .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك البكور في حوائجك أول النهار لا تخل به ؟ قال : من علم الطير تغدو خماصاً كل بكرة في طلب أقواتها على قربها وبعدها ، لا تسأم ذلك ، ولا تخاف ما يعرض لها في الجو والأرض .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك السكون والتحفظ والتماوت حتى تظفر بأربك ، فإذا ظفرت به وثبت وثوب الأسد على فريسته ؟ فقال : الذي علم السِّنَّورة أن ترصد جحر الفأرة ، فلا تتحرك ولا تتلوى ، ولا تختلج كأنها ميتة ، حتى إذا برزت لها الفأرة وثبت عليها كالأسد .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك الصبر والجلد والاحتمال وعدم السكون ؟ قال : من علم ابا أيوب صبره على الأثقال والأحمال الثقيلة ، والمشي والتعب وغلظة الجمّال وضربه ، فالثقل والكل على ظهره ، ومرارة الجوع والعطش في كبده ، وجهد التعب والمشقة ملأ جوارحه ولا يعدل به ذلك عن الصبر .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك حسن الإيثار والسماحة بالبذل ؟ قال : من علم الديك يصادف الحبة في الأرض ، وهو يحتاج إليها فلا يأكلها ؛ بل يستدعي الدجاج ويطلبهن طلباً حثيثاً ، حتى تجيء الواحدة منهن فتلقطها ، وهو مسرور بذلك طيب النفس به ، وإذا وضع له الحب الكثير فرّقه هنا وها هنا ، وإن لم يكن هناك دجاج ، لأن طبعه قد ألف البذل والجود ، فهو يرى من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام .
    وقيل لآخر : مَنْ علمك هذا التحيل في طلب الرزق ووجوه تحصيله ؟ قال : من علم الثعلب تلك الحيل التي يعجز العقلاء عن علمها وعملها ، وهي أكثر من أن تذكر .
    ومَنْ علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفى أثره ويطلب ، عفى أثر مشيته بِذَنَبِه ، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه ، فينفخ في منخريه ، لأن اللبوة تضعه جرواً كالميت ، فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك ! .
    ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها ، وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع !
    ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه ، لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة ، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان ، وهي عالية ، فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق ، فتأتي ماء وسطاً تضعه فيه يكون كالفراش اللين والوطاء الناعم .
    ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر !
    ومَنْ علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره ، والذكر من الأنثى ، فيقصد الذكر مع علمه بأنّ عدوه أشد وأبعد وثبة ، ويدع الأنثى على نقصان عدوها ؛ لأنّه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله ، وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن ، وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو ، فيقل عدوه ، فيدركـه الكلب ، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعـة القبل وسهولة المخرج ، فيدوم عدوها !.
    ومَنْ علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف ، فيعلم أن تحته حجر الأرانب ، فينبشه ، ويصطادها علماً منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق !
    ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوباً بين عينيه ، فينام بإحداهما ، حتى إذا نعست الأخرى نام بها ، وفتح النائمة ! حتى قال بعض العرب :
    [size=12]ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ××× بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
    ومَنْ علم العصفورة إذا سقط فرخها أن تستغيث ، فلا يبقى عصفور بجوارها حتى يجيء ، فيطيرون حول الفرخ ، ويحركونه بأفعالهم ، ويحدثون له قوة وهمة وحركة ، حتى يطير معهم !
    قال بعض الصيادين : ربما رأيت العصفور على الحائط ، فأومي بيدي كأني أرميه فلا يطير ، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئاً فلا يتحرك ، فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي .
    ومن علم (( اللبب )) وهو صنف من العناكب أن يلطأ بالأرض ، ويجمع نفسه ، فيرى الذبابة أنه لاه عنها ، ثم يثب عليها وثوب الفهد !
    ومن علم العنكبوت أن تنسج تلك الشبكة الرفيعة المحكمة ، وتجعل في أعلاها خيطاً ثم تتعلق به ، فإذا تعرقلت البعوضة في الشبكة تدلت إليها فاصطادتها !
    ومن علم الظبي أن لا يدخل كناسه إلا مستدبراً ، ليستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه !
    ومن علم السنور إذا رأى فأرة في السقف أن يرفع رأسه كالمشير إليها بالعود ، ثم يشير إليها بالرجوع ، وإنما يريد أن يدهشها فتزلق فتسقط !
    ومن علم اليربوع أن يحفر بيته في سفح الوادي حيث يرتفع عن مجرى السيل ليسلم من مدق الحافر ومجرى الماء ، ويعمقه ثم يتخذ يف زواياه أبواباً عديدة ، ويجعل بينها وبين وجه الأرض حاجزاً رقيقاً ، فإذا أحس بالشر فتح بعضها بأيسر شيء ، وخرج منه ، ولما كان كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة علامة له على البيت ، إذا ضل عنه!
    ومن علم الفهد إذا سمن أن يتوارى لثقل الحركة عليه حتى يذهب ذلك السمن ، ثم يظهر !
    ومن علم الأيل إذا سقط قرنه أن يتوارى ، لأنّ سلاحه قد ذهب ، فيسمن لذلك ، فإذا كمل نبات قرنه تعرض للشمس والريح ، وأكثر من الحركة ليشتد لحمه ، ويزول السمن المانع له من العدو .
    وهذا باب واسع جداً ، ويكفي فيه قوله – سبحانه – ( وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائِرٍ يطير بجناحيه إلاَّ أمم أمثالكم مَّا فرَّطنا في الكتاب من شيء ثمَّ إلى ربهم يحشرون – والَّذين كذَّبوا بِآيَاتِنَا صمٌّ وبكمٌ في الظُّلمات من يَشَإِ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيمٍ ) [ الأنعام : 38-39 ] .
    وجه المماثلة بين الحيوانات وبني الإنسان :
    قال ابن عباس في رواية عطاء : ( إلاَّ أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] ، ويريد : يعرفونني ، ويوحدونني ، ويسبحونني ، ويحمدونني ، مثل قوله تعالى : ( وإن من شيءٍ إلاَّ يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ] ، ومثل قوله : ( ألم تر أنَّ الله يسبح له من في السَّماوات والأرض والطَّير صافاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه ) [ النور : 41 ] .
    ويدل على هذا قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يسجد له من في السَّماوات ومن في الأرض والشَّمس والقمر والنُّجوم والجبال والشَّجر والدَّواب ) [ الحج : 18 ] وقوله : ( ولله يسجد ما في السَّماوات وما في الأرض من دابّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون ) [النحل : 49 ] ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يا جبال أوّبي معه والطَّير ) [ سبأ : 10 ] ، ويدل عليه قوله : ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل ) [ النحل : 68 ] ، وقوله : ( قالت نملةٌ يا أيُّها النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، وقول سليمان ( عُلّمنا منطق الطَّير ) [ النمل : 16 ] .
    وقال مجاهد : أمم أمثالكم ، أصناف مصنفة تعرف بأسمائها ، وقال الزجاج : أمم أمثالكم في أنها تبعث .
    وقال ابن قتيبة : أمم أمثالكم في طلب الغذاء ، وابتغاء الرزق ، وتوقي المهالك .
    وقال سفيان بن عيينة : ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي عليها الطعام الطيب عافته ، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه ، فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين كلمة لم يحفظ واحدة منها ، وإن أخطأ رجل ترّواه وحفظه .
    قال الخطابي : ما أحسن ما تأول سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة ، وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعاً لظاهره وجب المصير إلى باطنه ، وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة ، وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة ، وعدم من جهة النطق والمعرفة ، فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلة في الطباع والأخلاق .
    والله – سبحانه – قد جعل بعض الدواب كسوباً محتالاً ، وبعضها متوكلاً غير محتال ، وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته ، وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقاً مضموناً وأمراً مقطوعاً ، وبعضها لا يعرف ولده ألبتة ، وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه ، وبعضها تضيع ولدها ، وتكفل ولد غيرها ، وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها ، وبعضها يدخر ، وبعضها لا تكسب له ، وبعض الذكور يعول ولده ، وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف عليه .
    وجعل بعض الحيوانات يُتمها من قِبل أمهاتها ،وبعضها يُتمها من قبل آبائها ، وبعضها لا يلتمس الولد ، وبعضها يستفرغ الهم في طلبه ، وبعضها يعرف الإحسان ويشكره ، وبعضها ليس ذلك عنده شيئاً ، وبعضها يؤثر على نفسه ، وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحداً يدنو منه .
    وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم ، وبعضها يستوحش منهم ، وينفر غاية النفار ، وبعضها لا يأكل إلا الطيب ، وبعضها لا يأكل إلا الخبائث ، وبعضها يجمع بين الأمرين .
    وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها ، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها ، وبعضها حقود لا ينسى الإساءة ، وبعضها لا يذكرها ألبتة ، وبعضها لا يغضب ، وبعضها يشتد غضبه ، فلا يزال يسترضى حتى يرضى ، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس ، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك ألبتة ، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه ، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده ، وبعضها يقبل التعليم بسرعة ، وبعضها مع الطول ، وبعضها لا يقبل ذلك بحال .
    وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه ، وعلى إتقان صنعه ، وعجيب تدبيره ، ولطيف حكمته ، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف ، وغوامض الحيل ، وحسن التدبير ، والتأني لما تريده ، ما يستنطق الأفواه بالتسبيح ، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته ، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يخلق عبثاً ، ولم يترك سدى ، وأن له – سبحانه – في كل مخلوق حكمة باهرة وآية ظاهرة وبرهاناً قاطعاً ، يدل على أنه رب كل شيء ومليكه ، وأنه المتفرد بكل كمال دون خلقه ، وأنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم .
    16- هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر
    يقول الدكتور يوسف عز الدين موضحاً هذا الموضوع : " من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة على التكاثر ، لتكوين ذرية يكون من شأنها الاستمرار بالحياة ، واستمرار بقاء النوع وعدم انقراضه .
    وتتم عملية إنجاب الذرية في الكائنات الحية المختلفة بطرق شتى ، ولكنّها تصل إلى الهدف المنشود . (فالبكتريا) (وهي من النباتات) تتكاثر ، وكذلك تفعل باقي النباتات والحيوانات على اختلاف درجة فيها . ولا يمكن من وجهة نظر العلوم الرياضية أن تحدث مصادفات يكون من شأنها إيجاد ذكر أو أنثى في آلاف من النباتات والحيوانات لهدف مرسوم ومحدد وهو إنجاب ذرية تبقى بعد الفناء .
    ومن الحيوانات والنباتات ما لا يتميز فيها ذكر وأنثى ، ومع ذلك فإنّها تتكاثر وتنجب ذرية ، فحيوان صغير الحجم أوّلي مثل حيوان (الأميبا) الذي يعيش في الماء والمكّون جسمه من خلية واحدة يتكاثر بطريقة عجيبة ، إذ إنّ الحيوان الواحد ينقسم إلى قسمين ، وكل قسم يتحول إلى حيوان ، والحيوانات المتكونة من الانقسام تنقسم بدورها إلى حيوانين وهكذا ... يحدث هذا عندما تكون ظروف الحياة ملائمة وعادية .
    أمَّا إذا شعر هذا الحيوان بما ينذر بالخطر فإنّه يتحوصل ؛ أي يفرز حول جسمه حوصلة ، وينقسم إلى حيوانين ، بل عشرات الحيوانات داخل الحوصلة ؛ لكي يعوض الوقت الذي قد يضيع هباء داخل الحوصلة إلى حين رجوع الظروف الملائمة لحياته .
    ويحدث التكاثر عن طريق الانقسام في الحيوانات أولية عديدة غير ( الأميبا ) مثل الحيوان المسمى : (البراميسيوم) وهو يعيش في الماء ، ويتكاثر أيضاً بالانقسام الثنائي في الظروف الملائمة كما تنقسم (الأميبا) ، ولكنه من آن لآخر يحتاج إلى تجديد نشاطه وحيويته ، فيلجأ إلى طريقة أخرى للتكاثر بالغة التعقيد يكون من شأنها تجنيد النَّوى ( ولكل خلية نواة كما هو معلوم ) حيث ينجب كل فرخ في هذه الحالة أربعة أفراد بدلاً من انقسام حيوان إلى حيوانين فقط .
    وفي الحيوانات الأرقى من هذه الحيوانات الأولية ، إذا كانت ظروف الحياة تحول دون سهولة التقاء الأنثى بالذكر لإنجاب الذرية ، فإنّ الحيوان في هذه الحالة يصبح أنثى ذكراً في الوقت نفسه ، أي يصبح خنثى حيث يضم جسمه أعضاء التناسل الأنثوية والذكرية جنباً إلى جنب ، فيستطيع بذلك أن ينجب ذريته دون حاجة إلى انتظار فرصة التقاء الجنسين ، يحدث هذا مثلاً في الدودة الكبدية التي تعيش في القنوات المرارية لبعض الحيوانات حيث يصعب على أحد الجنسين التنقل والتجول في هذا المكان الضيق للعثور على الجنس الآخر ، وفي الوقت نفسه إذا حدث أن التقى حيوانان من هذه الديدان من الممكن أن يلقح أحدهما الآخر حيث يصبح أحدهما وكأنه أنثى ، ويصبح الآخر وكأنه ذكر .
    إن حدوث ملايين المصادفات في آن واحد لهدف معين مشترك وفي حيوانات مختلفة وبوسائل متباينة شيء لا يقره العلم ، ولا تقره علوم الرياضيات ، وفي هذه الحالة لا بدّ أن يسلم بوجود قوة خالقة عاملة وراء هذا كله .
    ومنذ وجود أول حيوان ثديي على هذه الأرض ، والأنثى مزودة بمصنع لإنتاج اللبن ، وذلك لكي يضمن الصغير الحصول على غذائه بمجرد خروجه من بطه أمه ، ولو لم يجد هذا الثدي الذي يبرز من جسم الأم منذ أول حيوان ثديي لما أتيحت فرصة النمو والبقاء على قيد الحياة لأول مولود ، أي أنها عملية مدبرة ومقدرة منذ البداية ، ولا تخضع للتجربة والخطأ ، إذ أنها لا تحتمل الخطأ مرة واحدة .
    فهل يمكن أن يتصور أيّ إنسان عاقل أن تزويد الأم بطعام الصغير المولود يأتي نتيجة مصادفة عمياء ؟ ولبن أنثى الحيوانات الثديية – علاوة على فائدته الغذائية – نجده مزوداً بمواد تحمل للمولود مناعة ضد الأمراض إلى أن يشب عن الطوق ، ويمكن جسمه من الدفاع عن نفسه . وجميع الجهود التي تضافرت لصنع الألبان اللازمة لتغذية الصغار فشلت في صنع الألبان التي تحمل نفس صفات اللبن الذي أمد الله به الأنثى " .
    أهمية الغريزة الجنسية :
    ويحدثنا الدكتور يوسف عن الغريزة الجنسية وأهميتها وعظيم أثرها فيقول : " ومن الأشياء التي حيرت العلماء كنه الغريزة الجنسية ، تلك الغريزة التي تجعل الذكر ينجذب إلى الأنثى ، والأنثى تنجذب إلى الذكر .
    والغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز ؛ لأنها أهما بالنسبة لبقاء النوع وعدم انقراضه ، والهدف الرئيسي لبقاء بعض الحيوانات هو إتمام الالتقاء الجنسي ، ثم يموت بعد ذلك .
    فالطور الكامل للحشرات المسماة (ذباب مايو) ، لا يزيد عن بضعة أيام ، وهي في طورها الكامل هذا لا تتغذى إذ لا توجد بها أجزاء للفم تصلح لتناول الطعام إطلاقاً ، وإنما وظيفتها الرئيسية في هذه الفترة القصيرة من العمر هي التقاء الذكر بالأنثى لإنجاب الذرية ، حيث تموت الأم بعد ذلك مباشرة بعد أن تكون أدّت رسالتها وكذلك يموت الأب .
    17- هداية الخالق تعويض ما يفقده من أجزاء جسمه
    ويتعرض الدكتور يوسف في مقالاته في جريدة الأهرام عما زود الله به مخلوقاته من خاصية تعويض الحيوان عما يفقده من أجزاء جسده فيقول : " ومن الصفات الأخرى المذهلة التي نجدها في جميع الحيوانات والنباتات القدرة على تعويض الأجزاء المفقودة ، وتوجد بدرجات مختلفة في الكائنات الحية .
    ففي حيوانات عديدة مثل ذلك الحيوان المسمى ((الهيدرا)) نجد شيئاً عجيباً يكتفي العلم بوصفه ، ولكنّه لا يستطيع له تفسيراً ، هذا الحيوان يعيش في الماء ، وهو أنبوبي الشكل لا يزيد طوله عن بضعة مليمترات ، ذو قاعدة مقفلة وفتحة أمامية تستخدم كفم لدخول الطعام ، وفي الوقت نفسه تستعمل كفتحة (( است )) تخرج منها الفضلات . وحول تلك الفتحة نجد عدداً من الزوائد المجوفة ، يتصل تجويفها بتجويف الجسم .
    إذا قطعنا هذا الحيوان إلى نصفين ، نصف علوي ، ونصف سفلي ، فإننا نجد أنّ بعض الخلايا في كل نصف تتكاثر بحث تستكمل الأجزاء الناقصة ، فتكون النتيجة تكوين حيوانين يشبهان الحيوان الأصلي ، ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أننا لو قطعنا ذلك الحيوان ، إلى عدة أجزاء فإنّ كل جزء ينمو ويعوض جميع الأجزاء المفقودة ، ويصبح حيواناً كامل التكوين .
    ويتركب جدار الجسم لهذا الحيوان من طبقتين من الخلايا : طبقة خارجية وطبقة داخلية تحيط بالتجويف الداخلي للجسم ، وفي كل طبقة من الطبقتين توجد أنواع مختلفة من الخلايا لكل نوع منها وظيفة محددة ، ومعظم خلايا الطبقة الخارجية وظيفتها الأساسية حماية جسم الحيوان ، أما الطبقة الداخلية فوظيفتها الرئيسة هضم الغذاء الذي يبتلعه الحيوان من خلال فتحة الفم .
    ولو قلبنا ذلك الحيوان كما يقلب الجورب ، فإنّ الخلايا التي كانت خارجية تصبح داخلية ، أي تحيط بتجويف الجسم ، بينما الخلايا التي كانت داخلية تصبح خارجية ، فماذا يحدث في هذه الحالة ؟ لقد وجد العلماء الذين أجروا هذه التجارب أن الخلايا التي أصبحت الآن خارجية تهاجر نحو الداخل ، بينما الخلايا التي أصبحت داخلية تهاجر نحو الخارج لكي يعود تركيب الحيوان إلى ما كان عليه ، ولو لم يحدث ذلك لمات الحيوان ، إذ إن الخلايا التي تحيط بتجويف الجسم لا بدّ أن تكون الخلايا الهاضمة ، لتتم عملية هضم المواد الغذائية التي في تجويف الجسم ، بينما الخلايا الخارجية لا بدّ أن تكون الخلايا الوقائية التي تحفظ الجسم وتقيه من التلف .
    وإذا قطعنا دودة الأرض إلى جزءين ، فإنّ كل جزء ينمو ، ويعوض الجزء المفقود .
    وفي حيوانات أخرى ( كالجمبري ، أو الكابوريا ) وغيرهما إذا فقدت إحدى الأرجل فإنّ رجلاً جديدة تتكون بدلاً من المفقودة .
    والبرص إذا استشعر خطراً أو أمسكه من ذنبه إنسان أو حيوان فإنه يفصل ذلك الذنب عن جسمه ، وينجو من الخطر ، وينمو له ذنب جديد .
    ونحن إذا جرحنا أنفسنا في أثناء الحلاقة أو لأي سبب آخر ، فإن خلايا جديدة تتكون بدلاً من الخلايا التي أتلفها الجرح ، ولو لم يحدث ذلك لما أصبح في الإمكان إجراء أية عملية جراحية .
    وإذا كسرت لنا عظمة فإنّ خلايا جديدة تتكون ويلتئم الكسر .
    لا يمكن أن يحدث هذا نتيجة للمصادفة ، بل لا بدّ أن يكون نتيجة تدبير يتجه نحو هدف معين ، وهو المحافظة على حياة الفرد ، وتحكمه قوى كامنة في الحيوان لم يتوصل العلم إلى كنهها ، إنها قوى أودعها الله في الحيوان ، والحيوان لا يعلم عنها شيئاً ، ولا يدرك ماذا يفعل " .
    18- اتفاق جميع الأحياء في التنفس وإن اختلفت طرائقه
    ويعرض الدكتور يوسف في مقالاته القيمة لهذا الموضوع ، فيقول : " إن عملية التنفس التي نجدها في جميع الكائنات الحية من أدناها إلى أرقاها عملية عجيبة ، وهي في جميع الحالات ليست سوى عملية أكسدة ، أي اتحاد الأكسجين بالمواد الغذائية التي في خلايا الجسم ، ونتيجة لهذه الأكسدة تنطلق طاقة اللازمة للكائن الحي التي لولاها ما استطاع القيام بأيّ نشاط من أنشطته المختلفة .
    تتم هذه الأكسدة في الحيوانات المختلفة بطرق متباينة ، ولكن النتيجة في جميع الأحوال واحدة ، وهي انطلاق الطاقة ، وفي الوقت نفسه يتكون الماء ( وثاني أكسيد الكربون ) نتيجة لهذه العملية ، ولذا فالمظهر الواضح لعملية التنفس هو أخذ (الأكسجين) اللازم (لأكسدة) المواد الغذائية وبإخراج (ثاني أوكسيد الكربون) والماء الناتجين عن هذه العملية .
    ففي حيوان بسيط (كالأميبا) حيث يتكون الجسم من خلية واحدة ، تتم عملية التنفس بطريقة غاية في البساطة ، إنّ هذا الحيوان الذي يشبه قطعة دقيقة من (الجيلاتين) الرخو يعيش في الماء ، ويوجد بالماء المحيط به قدر من (الأوكسجين) المذاب ، هذا (الأوكسجين) الذائب في الماء ينفذ إلى جسم (الأميبا) حيث يؤكسد المواد الغذائية التي في جسمها ، فتنطلق الطاقة اللازمة لحركتها ونموها ، وغيرها من العمليات الضرورة للحياة .
    ويتكون (ثاني أوكسيد الكربون) والماء نتيجة لعملية (الأكسدة) ، علاوة على انطلاق الطاقة .
    وتتخلص (الأميبا) من الماء الزائد بطريقة تثير الدهشة ، حيث تتجمع قطيرات الماء حتى تتكون فجوة مليئة بالماء ، هذه الفجوة تتحرك نحو حافة جسم الحيوان ، ثم تنفجر ملقية بالماء خارج الجسم ، ثم تعود لتتكون من جديد ... وهكذا .
    أما ثاني (أوكسيد الكربون) فينفذ من داخل الجسم إلى الماء المحيط به .
    وتحدث عملية التنفس في الحشرات عن طريق فتحات على جانبي الجسم توصل إلى شبكة من الأنابيب الدقيقة تتفرع داخل جسم الحشرة إلى أنابيب أصغر فأصغر ، حتى تصل في النهاية إلى جميع الخلايا تقريباً ، وبهذا التنظيم يدخل (الأوكسجين) من الفتحات الخارجية ، ويصل مباشرة إلى خلايا الجسم .
    أمّا في الإنسان وفي عديد من الحيوانات الأخرى فإنّ (الأوكسجين) يصل إلى أنسجة الجسم عن طريق الخلايا الدموية الحمراء التي تسبح في الدم ، ويوجد بداخل هذه الخلايا الدموية المادة المسماة (بالهيموجولبين) .
    ومن الخواص العجيبة لهذه المادة سرعة اتحادها ( بالأوكسجين ، وثاني أوكسيد الكربون ) والقدرة على الانفصال عنهما بسهولة . فإذا وصلت هذه الخلايا الدموية إلى الرئتين ، فإنها تتحمل الأوكسجين ، وتسير مع الدورة الدموية حتى تصل إلى الشعيرات الدموية الدقيقة التي في الأنسجة ، فينفصل الأوكسجين عنها وينفذ إلى الأنسجة من خلال الجدران الرقيقة للشعيرات الدموية حيث يستخدم (لأكسدة) المواد الغذائية ، وينفذ إليها من الأنسجة ( ثاني أوكسيد الكربون ) الناتج من عملية ( الأكسدة ) الذي تحمله إلى الرئتين حيث ينفصل عن ( الهيموجلوبين ) ، ويتخلص منه الجسم عن طريق الزفير ، ثم يتحمل من جديد (بالأوكسجين) ...وهكذا .
    ويحدث التنفس بوسائل عديدة في الحيوانات المختلفة ، ولكن النتيجة في جميع الحالات واحدة ، وهي وصول (الأوكسجين) إلى خلايا الجسم ، والتخلص من ( ثاني أوكسيد الكربون) .
    وهذا يدل دلالة قاطعة على شيئين :
    الأول : أنّ هذا التقدير الدقيق لا بد أن يكون من فعل خالق مدبر مقدر ، إذ إنّه لا يمكن أن يحدث شيء بطرق مختلفة ، ليؤدي لنتيجة واحدة عن طريق المصادفة .
    والشيء الثاني : أنّ الخالق واحد أحد ، إذ أن أسلوب الخلق مبني على أساس واحد ، ويؤدي إلى نتيجة واحدة لا تتغير " .
    19- حصول الأحياء على الغذاء بطرق مختلفة
    ويحدثنا الدكتور يوسف عن هذا الموضوع فيقول : " وجميع الكائنات الحية نباتات وحيوانات لا بدّ أن تتغذى ، وتتغذى النباتات بطريقة تختلف تمام الاختلاف عن طريقة تغذية الحيوانات ، فالنباتات ثابتة في مكانها ، لا يمكنها أن تتحرك لتحصل على غذائها كما يفعل الحيوان ، ولذا فهي تصنع غذاءها وهي مغروسة في مكانها مستخدمة في ذلك الطاقة الشمسية .
    أمّا الحيوان فيحصل على غذائه جاهزاً من مواد نباتية أو حيوانية ، والغذاء الذي يتناوله الحيوان لا بدّ أن يهضم ليمتصه الجسم ويستفيد منه ، وعمليات الهضم عمليات بالغة التعقيد من شأنها تحويل المواد المعقدة التركيب إلى مواد بسيطة التركيب يستطيع الجسم امتصاصها والإفادة منها .
    والمواد الغذائية قد تكون دهنية أو بروتينية أو نشوية ... إلخ .
    وكل نوع من الغذاء يقوم بهضمه أنزيم معين يؤثر في مادة بعينها ، ولا يؤثر في المواد الأخرى الموجودة معها جنباً إلى جنب ، فأنزيم يؤثر في المواد الدهنية ، ولا يؤثر في المواد البروتينية ، وآخر يؤثر في المواد البروتينية ، ولا يؤثر في المواد الدهنية .
    فهل من الممكن أن يحدث كلّ ذلك نتيجة خبط عشواء أو مصادفة عمياء أو نتيجة تجارب عديدة تحتمل الخطأ والصواب ؟
    إنّ أيّ عقل قادر على التفكير لا بد أن يدرك أن هذا من المستحيل ، كما ترفضه رفضاً باتاً نظرية الاحتمالات في العلوم الرياضية .
    ففي حيوان (الأميبا) الدقيق الحجم المكون من خلية واحدة تتم عملية التغذية بطريقة غريبة ، إذ تمتد منه أذرع تلتف حول المادة الغذائية الموجودة حوله في الماء ، والتي قد تكون حيواناً ضئيل الحجم أو نباتاً وحيد الخلية أصغر حجماً من الأميبا ، والمواد الغذائية في هذه الحالة قد تكون متحركة إذا كانت حيواناً صغيراً ، وقد تكون ثابتة إذا كانت نباتاً أولياً وحيد الخلية كبعض الطحالب .
    ومن العجيب أنّ حيوان (الأميبا) البسيط التركيب الذي لا يوجد به مخ أو جهاز عصبي يستطيع التفرقة بين المواد الغذائية الثابتة والمواد الغذائية المتحركة ، فإذا كان الغذاء حيواناً متحركاً ، فإنّ أذرع (الأميبا) تمتدّ في حذر بعيداً عن الحيوان لكي لا يهرب ، أما إذا كان الغذاء ثابتاً غير متحرك ، فإنّ الأذرع تمتدّ حوله ملاصقة له بلا احتياط أو احتراس ، إن المادة الغذائية في هذه الحالة لن تستطيع الهرب ، فكيف يدرك هذه الأشياء حيوان ضئيل (كالأميبا) – لا تكاد تراه العين إلا من خلال عدسات الميكروسكوب – لا مخّ له ولا أعصاب أو عيون أو أية أعضاء للإحساس ! .
    فإذا أطبقت الأذرع على المادة الغذائية أصبحت في داخل الجسم محاطة بقطرة ماء ، عند ذلك يبدأ جسم (الأميبا) في إفراز أنزيم هاضم حامض ليقتل الفريسة التي التهمتها (الأميبا) إذا كانت لا تزال على قيد الحياة ، ثم تفرز ( أنزيماً قلوياً ) ، ولذلك حكمة ، إذ إنّ أهم ( الأنزيمات ) وهو ( الأنزيم ) الذي يهضم المواد ( البروتينية ) لا يعمل إلا في وسط قلوي " .
    20- دوران الدم في جميع أجزاء أجسام الأحياء
    ويحدثنا الدكتور يوسف عن الدورة الدموية قائلاً : " والدورة الدموية في شعب وظائف الحيوانات المختلفة تتم بطرق عديدة ، كما يختلف تركيب القلب في المجموعات المختلفة للحيوانات ، ولكنها تؤدي إلى نتيجة واحدة ، وهي دوران الدم في جميع أجزاء الجسم .
    وإذا تأملنا تركيب القلب والجهاز الدوري في الإنسان ، وفي عديد من الحيوانات ، وجدنا أنّ القلب – ذلك العضو الرائع التصميم - يتكون من حجرات يُوصل بعضها مع بعض فتحات ذات صمامات ، ووظيفة هذه الصمامات السماح للدم بالمرور في اتجاه واحد ، وتمنع رجوعه في الاتجاه المضاد .
    ونجد مثل هذه الصمامات في الأوعية الدموية الكبرى للغرض نفسه .
    وشبكة الأوعية الدموية بأوردتها وشرايينها وشعيراتها الدموية تصميم مذهل ، إنّ الشرايين تتفرع إلى أنابيب أصغر فأصغر ، حتى تصبح شعيرات دموية رقيقة الجدران ، والحكمة من رقة جدران الشعيرات الدموية هي إمكان تبادل غازي (الأوكسجين) من (هيموجلوبين) الكرات الدموية الحمراء ، وينفذ إلى أنسجة الجسم ، وفي الوقت نفسه ينفذ ( ثاني أوكسيد الكربون ) من الأنسجة إلى الشعيرات الدموية ، فتلتقطه الكرات الحمراء ، ثم تتجمع الشعيرات الدموية لتكوين أوردة تحمل الدم إلى الرئتين ، حيث تتخلص الكرات الدموية من ( ثاني أوكسيد الكربون ) ، وتلتقط ( أوكسجيناً ) جديداً وهكذا .
    والقلب ينبض نبضات إيقاعية مدى الحياة ، حيث تتمدد بعض حجراته وتنقبض حجرات أخرى دافعاً الدم النقي الحامل (للأوكسجين) في الأوعية الدموية ، ومستقبلاً له بعد دورانه في الجسم محملاً ( بثاني أوكسيد الكربون ) ، ليرسله إلى الرئتين حيث يتحمل (الأوكسجين) ، ويتخلص من (ثاني أوكسيد الكربون) .
    ويتجول داخل جسم الإنسان ، وعديد من الحيوانات الأخرى سوائل ذات وظائف محددة مثل الدم ( واللمف ) . و (اللمف ) وسيط بين الدم والأنسجة . وللدم وظائف عديدة ، منها توصيل المواد الغذائية إلى جميع أجزاء الجسم .
    وإذا لم يوجد الدم في أجسام بعض الحيوانات كالدودة الكبدية مثلاً ، فإنّ تركيب الجسم في مثل هذه الحيوانات نجده مصمماً بحيث تتم عملية نقل الأغذية وغيرها بوسائل أخرى .
    ويتكون الدم في أجسامنا وأجسام عديد من الحيوانات الأخرى ، من سائل يسبح فيه عدد هائل من الخلايا المختلفة الأشكال والوظائف نطلق عليها أحياناً اسم الكرات الدموية الحمراء ، والكرات الدموية البيضاء .
    والكرات الحمراء – كما ذكرت – ذات وظيفة تنفسية ، أما الكرات البيضاء فمتعددة الأشكال والوظائف ، بعضها ملتهم ، وظيفته التهام أي جرثومة تتسرب إلى جسم الإنسان أو الحيوان ، فتلتهمها بطريقة تشبه التهام الأميبا لغذائها ، ونحن نستنشق من الهواء ملايين الجراثيم طول النهار والليل ، ولكنّنا لا نمرض كلّ يوم ، لأنّ هذه الخلايا العجيبة السابحة في الدم ، والتي من الممكن أن تخترق تيار الدم وتنفذ إلى الأنسجة في حالة الطوارئ تلتهم هذه الجراثيم وتقضي عليها ، ولا يعترينا المرض إلا إذا ضعفت مقاومة الجسم لأيّ سبب من الأسباب ، أي إذا ازداد عدد الجراثيم عن الحدّ المألوف
    [/center]

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 7:50 am