أسماء الله الحسنى (1)
لله تعالى أسماء كلها حسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] منها ما ذكره الله في سورة الحشر ( هو الله الَّذي لا إله إلاَّ هو عالم الغيب والشَّهادة هو الرَّحمن الرَّحيم – هو الله الَّذي لا إله إلا هو الملك القدُّوس السَّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبَّار المتكبر سُبحان الله عمَّا يشركون – هو الله الخالق البارئُ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السَّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) [ الحشر : 22-24 ] .
1- عدد أسمائه
ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة ، وإن الله وِتْرٌ يُحبّ الوتْر ) . (2)
هذا الحديث يدل على أنّ لله – سبحانه – عدداً محدداً من الأسماء وقد نصّ على أنّها تسعة وتسعون .
ولكن يشكل على هذا ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما أصاب أحداً قط همّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدُك ، ابن عبِدك ، ابن أمتِك ؛ ناصيتي بيدك ، ماض فيّ حكمك ، عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك بكلّ اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمتْهُ أحداً من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أنْ تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونُورَ صدري ، وجلاء حُزني وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحاً ) . (3)
وجاء في ثناء الرسول على ربه سبحانه ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) (4) . والإشكال في هذا الحديث أنّه يدلّ على أنّ من أسماء الله تعالى أسماء لم ينزلها في كتابه ، بل اختص بها بعض عباده ، أو اختص بها نفسه ، فلم يعرّفها أحداً من خلقه ، بينما حديث أبي هريرة يدلّ على أن أسماء الله التسعة والتسعين كلها منزلة معروفة بدلالة قوله ( من أحصاها ) ، فالإحصاء لها لا يمكن ما لم تكن منزلة معروفة معلومة ، ومن هذا ينتج أنّ ما استأثر الله بعلمه أو اختص به بعض خلقه غير التسعة والتسعين .
والحق الذي ينبغي أن يصار إليه أنّ عدد الأسماء التي عرّفنا الله إياها في كتابه ، أو ذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم ، تسعة وتسعون لا تزيد ، لنصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا العدد ، ولقوله : ( مَنْ أحصاها ) ، وأنّ ما زاد على هذه التسعة والتسعين فهو مما لا نعرفه ، لأنّه من مكنون علم الله أو مما اختص الله به بعض خلقه ، وإلا فما فائدة تحديد عدد أسماء الله بتسعة وتسعين ؟!
2- تحديد أسماء الله الحسنى
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ أسماء الله تعالى المنزلة التي يمكننا معرفتها وإحصاؤها تسعة وتسعون اسماً .
ولم يرد حديث صحيح يسرد هذه الأسماء سرداً لا يترك مجالاً للخلاف في تحديدها ، بل وردت هذه الأسماء متفرقة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تذكر الآية الاسم والاسمين أو أكثر ، أو تختم الآية بواحد أو أكثر ، وقد تسرد الآيات جملة من هذه الأسماء .
وقد عني العلماء بجمع أسماء الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما عنوا بتفسيرها وشرحها .
فالقرطبي له كتاب ( معاني أسماء الله الحسنى ) ، وقد سردها ابن جرير الطبري ، وأبو بكر ابن العربي ، وابن حجر العسقلاني ، وغيرهم . وقد اتفق العلماء في عدّ جملة كبيرة من أسماء الله تعالى ، واختلفوا في جملة قليلة ، فبعضهم عدّها من أسمائه تعالى ، ومنهم من نازع في ذلك . (5)
والسبب في هذا الخلاف أن بعض العلماء ظن أنّ كلّ ما أطلقه القرآن على الله – سبحانه – يجوز عده اسماً ، ويجوز إطلاقه مجرداً على الله تعالى . فأبو بكر ابن العربي عدّ في أسمائه : رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، أخذاً من قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يعلم ما في السَّماوات وما في الأرض ما يكون من نَّجْوَى ثلاثةٍ إلاَّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاَّ هو سادسهم ) [ المجادلة : 7 ] .
كما عدّ في أسمائه الفاعل والزارع أخذاً من قوله : ( كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنَّا كنَّا فاعلين ) [ الأنبياء : 104 ] .
ومن قوله : ( أَفَرَأَيْتُم ما تحرثون – أَأَنتُمْ تزرعونه أمّ نحن الزَّارعون ) [ الواقعة : 63-64] .
والحق أن هذه ليست أسماء لله تعالى ، بمعنى أنّه لا يطلق على الله تعالى رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، والفاعل ، والزارع . (6)
وقد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله – عزّ وجلّ – على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة ، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال ، ولكن لا يجوز أن يشتق لله تعالى منها أسماء ، ولا تطلق عليه في غير ما سبقت فيه من الآيات كقوله : ( إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) [ النساء : 142 ] وقوله : ( ومكروا ومكر الله ) [ آل عمران : 54 ] وقوله : ( نسو الله فنسيهم ) [ التوبة : 67 ] ، وقوله : ( وإذا لقوا الَّذين آمنوا قالوا آمنَّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنَّا معكم إنَّما نحن مُسْتَهْزِؤُونَ – الله يستهزئ بهم ) [ البقرة : 14-15 ] .
فلا يطلق على الله مخادع ، ماكر ، ناس ، مستهزى ، ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه ، ولا يقال : الله يستهزى ، ويخادع ، ويمكر ، وينسى ، على سبيل الإطلاق . وقد أخطأ الذين عدوا ذلك من أسمائه الحسنى خطأ كبيراً ، لأنّ الخداع والمكر يكون مدحاً ويكون ذماً ، فلا يجوز أن يطلق على الله إلا مقيداً بما يزيل الاحتمال المذموم منه كما ورد مقيداً في الآيات . (7)
ومن أجل ذلك لم يرد في أسمائه تعالى : المتكلم ، المريد ، الفاعل ، الصانع ؛ لأنّ مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم . ولو جاز أن يشتق لله من أفعاله أسماء مثل : الماكر ، المخادع ، بحجة إطلاق أفعالها في القرآن على الله لجاز أن يجعل من أسمائه : الداعي ، والآتي ، والجائي ، والذاهب ، والقادم ، والناسي ، والقاسم ، والساخط ، والغضبان ، واللاعن ... وغير ذلك من تلك التي أطلق القرآن أفعالها على نفسه .
فالله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق ، والمجازاة على ذلك تعدّ حسنة من المخلوق فكيف من الخالق ؟ .
ومن أسماء الله تعالى ما لا يُطلق عليه إلا مقترناً بمقابله ، فإنه إذا أطلق وحده أوهم نقصاً ، فمن ذلك : المانع ، الضار ، القابض ، المذل ، الخافض ، فلا تطلق على الله منفردة ، بل يجب قرنها بما يقابلها ، فيقال : المعطي المانع ، الضارّ النافع ، القابض الباسط ، المعزّ المذل ، الخافض الرافع .
ومن ذلك المنتقم ، لم يأت في القرآن إلا مضافاً إلى : (ذو) كقوله تعالى : ( والله عزيزٌ ذو انتقامٍ ) [ المائدة : 95 ] أو مقيداً بالمجرمين : ( إنَّا من المجرمين منتقمون ) [ السجدة : 22 ] .
3- الاسم الأعظم
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث أنّ لله اسماً أعظم له مميزات عن بقية أسمائه سبحانه وتعالى ، فمن هذه الأحاديث :
1- عن زبيدة الأسلمي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : " اللهمّ إني أسألك بأنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد " ، فقال : ( دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دُعِي به أجاب ) . رواه الترمذي وأبو داود . (
2- وعن أنس قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي ، فقال : " اللهمّ إني أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حيّ يا قيوم ، أسألك " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعا الله باسمِه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئلَ به أعطى ) . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والدارمي . (9)
3- وفي سنن ابن ماجة عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمُ الله الأعظم في سُور من القرآن الثلاث : في ( البقرة ) ، وَ ( آل عمران ) ، وَ (طه) . أخرجه ابن ماجة ، والطحاوي في مشكل الآثار ، وابن معين في التاريخ والعلل ، وغيرهم . (10)
4- وقد ورد تحديد آيتي البقرة وآل عمران اللتين ورد فيهما اسم الله الأعظم ، فقد روى الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والدارمي عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : ( وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاَّ هو الرَّحمن الرَّحيم ) [ البقرة : 163 ] وفاتحة ( آل عمران ) : ( الم – الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم ) [ آل عمران : 1-2 ] . (11)
والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .
ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم (2697) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين ( حسب إحصاء المعجم المفهرس ) وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو (الرحمن) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة .
4- وجوب الإيمان بأسمائه
وقد اتفق السلف الصالح على أنه يجب الإيمان بجميع أسماء الله الحسنى ، وما دلت عليه من الصفات ، وما ينشأ عنها من الأفعال ، فمثلاً : اسم الله القدير يجب الإيمان بأنّه سبحانه على كل شيء قدير ، والإيمان بكمال قدرته ، والإيمان بأنّ قدرته نشأت عنها جميع الكائنات .
5- كيف يحصي المسلم أسماء الله الحسنى (12)
ورد في الحديث الترغيب بإحصاء أسماء الله الحسنى ، فقد وعد من أحصاها بدخول الجنة .
واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحصاها " .
قال الخطابي يحتمل وجوها ً :
أحدها : أن يعدّها حتى يستوفيها بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ، ويثني عليه بجميعها ، فيستوجب الموعود عليها من الثواب .
وهذا الوجه هو الذي اختاره البخاري ، فقد فسّر الإحصاء بالحفظ ، وذلك لورود رواية أخرى فيها " من حفظها " .
ثانيها : المراد بالإحصاء الإطاقة ، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها ، وهو أن يعتبر معانيها ، فيلزم نفسه بموجبها ، فإذا قال : " الرزّاق " وثق بالرزق ، وكذا سائر الأسماء .
ثالثهما : المراد بها الإحاطة بجميع معانيها .
وقيل : أحصاها عمل بها ، فإذا قال : " الحكيم " سلم لجميع أوامره وأقداره ، وأنها جميعها على مقتضى الحكمة .
وقال ابن بطال : طريق العمل بها :
1- ما يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم ، فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها ، يعني فيما يقوم به .
2- وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم ، فعلى العبد الإقرار بها ، والخضوع لها ، وعدم التحلي بصفة منها .
3- وما كان فيها معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة .
4- وما كان فيها معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة .
والظاهر أنّ معنى إحصائها حفظها ، والقيام بعبوديتها كما أنّ القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه من لا يعمل به ، بل جاء في صفة المرَّاق من الدّين أنّهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم . (13)
6- سرد أسماء الله تعالى
ولعلّ ابن حجر العسقلاني قد قارب الصواب عندما عدّ تسعة وتسعين اسماً آخذاً إياها من القرآن الكريم ، وبذلك يوافق حديث أبي هريرة في عددها ، ونحن نسوقها كما سردها :
1- الله 2- الرب
3- الإله
4- الواحد
5- الرحمن
6-الرحيم
7- الملك
8- القدوس
9- السلام
10- المؤمن
11- المهيمن
12- العزيز
13- الجبار
14- المتكبر
15- الخالق
16-البارى
17-المصور
18-الأول
19- الآخر
20-الظاهر
21-الباطن
22-الحي
23-القيوم
24-العليّ
25-العظيم
26-التواب
27-الحليم
28-الواسع
29- الحكيم
30- الشاكر
31- العليم
32- الغني
33- الكريم
34- العفو
35- القدير
36-اللطيف
37- الخبير
38- السميع
39- البصير
40- المولى
41- النصير
42- القريب
43- المجيب
44- الرقيب
45- الحسيب
46-القوي
47-الشهيد
48- الحميد
49- المجيد
50- المحيط
51- الحفيظ
52- الحقّ
53- المبين
54- الغفّار
55- القهار
56- الخلاق
57- الفتاح
58- الودود
59- الغفور
60- الرؤوف
61-الشكور
62- الكبير
63- المتعال
64- المقيت
65- المستعان
66- الوهاب
67- الحفي
68- الوارث
69- الولي
70- القائم
71- القادر
72- الغالب
73- القاهر
74- البر
75- الحافظ
76- الأحد
77- الصمد
78- المليك
79- المقتدر
80- الوكيل
81- الهادي
82- الكفيل
83- الكافي
84- الأكرم
85- الأعلى
86- الرزاق
87- ذو القوة المتين
88-غافر الذنب
89-قابل التوب
90- شديد العقاب
91-ذو الطول
92-رفيع الدرجات
93- سريع الحساب
94-فاطر السماوات والأرض
95-بديع السماوات والأرض
96-نور السماوات والأرض
97-مالك الملك
98 ، 99 – ذو الجلال والإكرام
7- خواص أسماء الله الحسنى
ذكر الشيخ حسن البنا في كتابه : ( العقائد ) (14) ، أن بعض النّاس يذكر لكلّ اسم من أسماء الله تعالى خواصّ وأسراراً تتعلق به على إفاضة فيها أو إيجاز ، وقد يغالي بعض الناس فيتجاوز هذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادماً روحانيّاً يخدم من يواظب على الذكر به .
ويذكر أن بعض النّاس يدعي أن اسم الله الأعظم سرّ من الأسرار ، يمنح لبعض الأفراد ، فيفتحون به المغلقات ، ويخرقون به العادات ، ويكون لهم به من الخواص ما ليس لغيرهم من الناس .
وهؤلاء الذين أشار إليهم الشيخ قالوا بغير علم ، ونطقوا بأمور لم يأت بها نص صحيح من كتاب ربنا ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما كان كذلك فلا اعتبار له ، ولا حجّة فيه ؛ عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كُلّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ ) .
وهذه الأقوال والادعاءات فتحت الباب للخرافة ، فبذلت الجهود وضاعت الساعات في سبل خاطئة ، وحصل من ذلك ضلال كبير .
والفضيلة التي نصّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم لاسم الله الأعظم أنه إذا دعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى .
8- فائدة العلم بهذه الأسماء
أمّا الفوائد الحقيقية التي يجنيها المسلم من هذه المعرفة بأسماء الله وصفاته فيمكن أن نوجزها في عدة أمور :
1- التعرف على الله سبحانه وتعالى ، فأسماء الله وصفاته هي أعظم وسيلة تعرفنا بربنا سبحانه وتعالى ، وبدون ذلك سيبقى الإيمان بالله فكرة غامضة لا تعطي ثماراً طيبة ، وقد فصّلنا القول في صفاته وأسمائه فيما سبق ، ولله الحمد والمنة.
2- تمجيده والثناء عليه بأسمائه وصفاته ، وتمجيد الله بأسمائه وصفاته أعظم ما نمجد الله به ونثني عليه به ، وهو من أعظم الذكر الذي أمرنا به في قوله : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً ) [ الأحزاب : 41 ] .
3- دعاؤه بأسمائه وصفاته ، كما قال : ( وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] . وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أنّ واحداً من الصحابة دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أجاب .
4- زيادة الإيمان : فكلما علم العبد شيئاً عن الله وصفاته ازداد إيمانه .
5- الشعور بالقوة والثبات ؛ لأن العبد يركن إلى القوي القادر الغالب .
6- تعليق القلب بالله ، فالذي يعلم أن الرزق من عند الله يطلب منه الرزق ، والذي يعلم أن الله جبار يخاف منه ، والذي يعلم أن الله عليم يراقبه …وهكذا .
7- الأجر العظيم الذي نحصله من وراء هذه المعرفة ، فتعلم هذه الأسماء والصفات أشرف ما يمكن أن يدرس ، وتعلمها وتعليمها خير عمل يقام به .
نماذج من تمجيد الرسول عليه السلام لربه وثنائه عليه ودعائه له :
أحب أن نسوق نماذج من الكلام النبوي فيه تمجيد وثناء وحمد الله بأسمائه وصفاته ، ودعاء له بها علاوة على ما تقدم :
1- عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مرني بشيء أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت . قال : ( قل : اللهم عالمَ الغيب والشهادة ، فاطر السماوات والأرض ، ربّ كلّ شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ) . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي . (15)
2- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : ( ربّنا لك الحمدُ ، ملءُ السماوات والأرض ، ومِلءُ مَا شِئْتَ من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحقّ ما قال العبدُ ، وكُلّنا لك عبدٌ ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ ) . (16)
3- عن ثوبان – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ، وقال : ( اللهم أنت السلامُ ، ومنكَ السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) . (17)
4- عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربّ العرشِ العظيم ، لا إله إلا الله ربّ السماوات وربّ الأرض ، ربّ العرش الكريم ) . (18)
5- عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبّ الكلام إلى الله أربعٌ : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت ) وفي وجه آخر : ( أفضلُ الكلام : سُبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) . (19)
6- وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمنِ : سبحان الله وبِحمدِهِ ، سُبْحانَ الله العظيم
لله تعالى أسماء كلها حسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] منها ما ذكره الله في سورة الحشر ( هو الله الَّذي لا إله إلاَّ هو عالم الغيب والشَّهادة هو الرَّحمن الرَّحيم – هو الله الَّذي لا إله إلا هو الملك القدُّوس السَّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبَّار المتكبر سُبحان الله عمَّا يشركون – هو الله الخالق البارئُ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السَّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) [ الحشر : 22-24 ] .
1- عدد أسمائه
ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة ، وإن الله وِتْرٌ يُحبّ الوتْر ) . (2)
هذا الحديث يدل على أنّ لله – سبحانه – عدداً محدداً من الأسماء وقد نصّ على أنّها تسعة وتسعون .
ولكن يشكل على هذا ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما أصاب أحداً قط همّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدُك ، ابن عبِدك ، ابن أمتِك ؛ ناصيتي بيدك ، ماض فيّ حكمك ، عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك بكلّ اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمتْهُ أحداً من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أنْ تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونُورَ صدري ، وجلاء حُزني وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحاً ) . (3)
وجاء في ثناء الرسول على ربه سبحانه ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) (4) . والإشكال في هذا الحديث أنّه يدلّ على أنّ من أسماء الله تعالى أسماء لم ينزلها في كتابه ، بل اختص بها بعض عباده ، أو اختص بها نفسه ، فلم يعرّفها أحداً من خلقه ، بينما حديث أبي هريرة يدلّ على أن أسماء الله التسعة والتسعين كلها منزلة معروفة بدلالة قوله ( من أحصاها ) ، فالإحصاء لها لا يمكن ما لم تكن منزلة معروفة معلومة ، ومن هذا ينتج أنّ ما استأثر الله بعلمه أو اختص به بعض خلقه غير التسعة والتسعين .
والحق الذي ينبغي أن يصار إليه أنّ عدد الأسماء التي عرّفنا الله إياها في كتابه ، أو ذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم ، تسعة وتسعون لا تزيد ، لنصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا العدد ، ولقوله : ( مَنْ أحصاها ) ، وأنّ ما زاد على هذه التسعة والتسعين فهو مما لا نعرفه ، لأنّه من مكنون علم الله أو مما اختص الله به بعض خلقه ، وإلا فما فائدة تحديد عدد أسماء الله بتسعة وتسعين ؟!
2- تحديد أسماء الله الحسنى
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ أسماء الله تعالى المنزلة التي يمكننا معرفتها وإحصاؤها تسعة وتسعون اسماً .
ولم يرد حديث صحيح يسرد هذه الأسماء سرداً لا يترك مجالاً للخلاف في تحديدها ، بل وردت هذه الأسماء متفرقة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تذكر الآية الاسم والاسمين أو أكثر ، أو تختم الآية بواحد أو أكثر ، وقد تسرد الآيات جملة من هذه الأسماء .
وقد عني العلماء بجمع أسماء الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما عنوا بتفسيرها وشرحها .
فالقرطبي له كتاب ( معاني أسماء الله الحسنى ) ، وقد سردها ابن جرير الطبري ، وأبو بكر ابن العربي ، وابن حجر العسقلاني ، وغيرهم . وقد اتفق العلماء في عدّ جملة كبيرة من أسماء الله تعالى ، واختلفوا في جملة قليلة ، فبعضهم عدّها من أسمائه تعالى ، ومنهم من نازع في ذلك . (5)
والسبب في هذا الخلاف أن بعض العلماء ظن أنّ كلّ ما أطلقه القرآن على الله – سبحانه – يجوز عده اسماً ، ويجوز إطلاقه مجرداً على الله تعالى . فأبو بكر ابن العربي عدّ في أسمائه : رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، أخذاً من قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يعلم ما في السَّماوات وما في الأرض ما يكون من نَّجْوَى ثلاثةٍ إلاَّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاَّ هو سادسهم ) [ المجادلة : 7 ] .
كما عدّ في أسمائه الفاعل والزارع أخذاً من قوله : ( كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنَّا كنَّا فاعلين ) [ الأنبياء : 104 ] .
ومن قوله : ( أَفَرَأَيْتُم ما تحرثون – أَأَنتُمْ تزرعونه أمّ نحن الزَّارعون ) [ الواقعة : 63-64] .
والحق أن هذه ليست أسماء لله تعالى ، بمعنى أنّه لا يطلق على الله تعالى رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، والفاعل ، والزارع . (6)
وقد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله – عزّ وجلّ – على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة ، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال ، ولكن لا يجوز أن يشتق لله تعالى منها أسماء ، ولا تطلق عليه في غير ما سبقت فيه من الآيات كقوله : ( إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) [ النساء : 142 ] وقوله : ( ومكروا ومكر الله ) [ آل عمران : 54 ] وقوله : ( نسو الله فنسيهم ) [ التوبة : 67 ] ، وقوله : ( وإذا لقوا الَّذين آمنوا قالوا آمنَّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنَّا معكم إنَّما نحن مُسْتَهْزِؤُونَ – الله يستهزئ بهم ) [ البقرة : 14-15 ] .
فلا يطلق على الله مخادع ، ماكر ، ناس ، مستهزى ، ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه ، ولا يقال : الله يستهزى ، ويخادع ، ويمكر ، وينسى ، على سبيل الإطلاق . وقد أخطأ الذين عدوا ذلك من أسمائه الحسنى خطأ كبيراً ، لأنّ الخداع والمكر يكون مدحاً ويكون ذماً ، فلا يجوز أن يطلق على الله إلا مقيداً بما يزيل الاحتمال المذموم منه كما ورد مقيداً في الآيات . (7)
ومن أجل ذلك لم يرد في أسمائه تعالى : المتكلم ، المريد ، الفاعل ، الصانع ؛ لأنّ مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم . ولو جاز أن يشتق لله من أفعاله أسماء مثل : الماكر ، المخادع ، بحجة إطلاق أفعالها في القرآن على الله لجاز أن يجعل من أسمائه : الداعي ، والآتي ، والجائي ، والذاهب ، والقادم ، والناسي ، والقاسم ، والساخط ، والغضبان ، واللاعن ... وغير ذلك من تلك التي أطلق القرآن أفعالها على نفسه .
فالله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق ، والمجازاة على ذلك تعدّ حسنة من المخلوق فكيف من الخالق ؟ .
ومن أسماء الله تعالى ما لا يُطلق عليه إلا مقترناً بمقابله ، فإنه إذا أطلق وحده أوهم نقصاً ، فمن ذلك : المانع ، الضار ، القابض ، المذل ، الخافض ، فلا تطلق على الله منفردة ، بل يجب قرنها بما يقابلها ، فيقال : المعطي المانع ، الضارّ النافع ، القابض الباسط ، المعزّ المذل ، الخافض الرافع .
ومن ذلك المنتقم ، لم يأت في القرآن إلا مضافاً إلى : (ذو) كقوله تعالى : ( والله عزيزٌ ذو انتقامٍ ) [ المائدة : 95 ] أو مقيداً بالمجرمين : ( إنَّا من المجرمين منتقمون ) [ السجدة : 22 ] .
3- الاسم الأعظم
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث أنّ لله اسماً أعظم له مميزات عن بقية أسمائه سبحانه وتعالى ، فمن هذه الأحاديث :
1- عن زبيدة الأسلمي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : " اللهمّ إني أسألك بأنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد " ، فقال : ( دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دُعِي به أجاب ) . رواه الترمذي وأبو داود . (
2- وعن أنس قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي ، فقال : " اللهمّ إني أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حيّ يا قيوم ، أسألك " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعا الله باسمِه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئلَ به أعطى ) . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والدارمي . (9)
3- وفي سنن ابن ماجة عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمُ الله الأعظم في سُور من القرآن الثلاث : في ( البقرة ) ، وَ ( آل عمران ) ، وَ (طه) . أخرجه ابن ماجة ، والطحاوي في مشكل الآثار ، وابن معين في التاريخ والعلل ، وغيرهم . (10)
4- وقد ورد تحديد آيتي البقرة وآل عمران اللتين ورد فيهما اسم الله الأعظم ، فقد روى الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والدارمي عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : ( وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاَّ هو الرَّحمن الرَّحيم ) [ البقرة : 163 ] وفاتحة ( آل عمران ) : ( الم – الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم ) [ آل عمران : 1-2 ] . (11)
والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .
ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم (2697) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين ( حسب إحصاء المعجم المفهرس ) وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو (الرحمن) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة .
4- وجوب الإيمان بأسمائه
وقد اتفق السلف الصالح على أنه يجب الإيمان بجميع أسماء الله الحسنى ، وما دلت عليه من الصفات ، وما ينشأ عنها من الأفعال ، فمثلاً : اسم الله القدير يجب الإيمان بأنّه سبحانه على كل شيء قدير ، والإيمان بكمال قدرته ، والإيمان بأنّ قدرته نشأت عنها جميع الكائنات .
5- كيف يحصي المسلم أسماء الله الحسنى (12)
ورد في الحديث الترغيب بإحصاء أسماء الله الحسنى ، فقد وعد من أحصاها بدخول الجنة .
واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحصاها " .
قال الخطابي يحتمل وجوها ً :
أحدها : أن يعدّها حتى يستوفيها بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ، ويثني عليه بجميعها ، فيستوجب الموعود عليها من الثواب .
وهذا الوجه هو الذي اختاره البخاري ، فقد فسّر الإحصاء بالحفظ ، وذلك لورود رواية أخرى فيها " من حفظها " .
ثانيها : المراد بالإحصاء الإطاقة ، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها ، وهو أن يعتبر معانيها ، فيلزم نفسه بموجبها ، فإذا قال : " الرزّاق " وثق بالرزق ، وكذا سائر الأسماء .
ثالثهما : المراد بها الإحاطة بجميع معانيها .
وقيل : أحصاها عمل بها ، فإذا قال : " الحكيم " سلم لجميع أوامره وأقداره ، وأنها جميعها على مقتضى الحكمة .
وقال ابن بطال : طريق العمل بها :
1- ما يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم ، فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها ، يعني فيما يقوم به .
2- وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم ، فعلى العبد الإقرار بها ، والخضوع لها ، وعدم التحلي بصفة منها .
3- وما كان فيها معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة .
4- وما كان فيها معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة .
والظاهر أنّ معنى إحصائها حفظها ، والقيام بعبوديتها كما أنّ القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه من لا يعمل به ، بل جاء في صفة المرَّاق من الدّين أنّهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم . (13)
6- سرد أسماء الله تعالى
ولعلّ ابن حجر العسقلاني قد قارب الصواب عندما عدّ تسعة وتسعين اسماً آخذاً إياها من القرآن الكريم ، وبذلك يوافق حديث أبي هريرة في عددها ، ونحن نسوقها كما سردها :
1- الله 2- الرب
3- الإله
4- الواحد
5- الرحمن
6-الرحيم
7- الملك
8- القدوس
9- السلام
10- المؤمن
11- المهيمن
12- العزيز
13- الجبار
14- المتكبر
15- الخالق
16-البارى
17-المصور
18-الأول
19- الآخر
20-الظاهر
21-الباطن
22-الحي
23-القيوم
24-العليّ
25-العظيم
26-التواب
27-الحليم
28-الواسع
29- الحكيم
30- الشاكر
31- العليم
32- الغني
33- الكريم
34- العفو
35- القدير
36-اللطيف
37- الخبير
38- السميع
39- البصير
40- المولى
41- النصير
42- القريب
43- المجيب
44- الرقيب
45- الحسيب
46-القوي
47-الشهيد
48- الحميد
49- المجيد
50- المحيط
51- الحفيظ
52- الحقّ
53- المبين
54- الغفّار
55- القهار
56- الخلاق
57- الفتاح
58- الودود
59- الغفور
60- الرؤوف
61-الشكور
62- الكبير
63- المتعال
64- المقيت
65- المستعان
66- الوهاب
67- الحفي
68- الوارث
69- الولي
70- القائم
71- القادر
72- الغالب
73- القاهر
74- البر
75- الحافظ
76- الأحد
77- الصمد
78- المليك
79- المقتدر
80- الوكيل
81- الهادي
82- الكفيل
83- الكافي
84- الأكرم
85- الأعلى
86- الرزاق
87- ذو القوة المتين
88-غافر الذنب
89-قابل التوب
90- شديد العقاب
91-ذو الطول
92-رفيع الدرجات
93- سريع الحساب
94-فاطر السماوات والأرض
95-بديع السماوات والأرض
96-نور السماوات والأرض
97-مالك الملك
98 ، 99 – ذو الجلال والإكرام
7- خواص أسماء الله الحسنى
ذكر الشيخ حسن البنا في كتابه : ( العقائد ) (14) ، أن بعض النّاس يذكر لكلّ اسم من أسماء الله تعالى خواصّ وأسراراً تتعلق به على إفاضة فيها أو إيجاز ، وقد يغالي بعض الناس فيتجاوز هذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادماً روحانيّاً يخدم من يواظب على الذكر به .
ويذكر أن بعض النّاس يدعي أن اسم الله الأعظم سرّ من الأسرار ، يمنح لبعض الأفراد ، فيفتحون به المغلقات ، ويخرقون به العادات ، ويكون لهم به من الخواص ما ليس لغيرهم من الناس .
وهؤلاء الذين أشار إليهم الشيخ قالوا بغير علم ، ونطقوا بأمور لم يأت بها نص صحيح من كتاب ربنا ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما كان كذلك فلا اعتبار له ، ولا حجّة فيه ؛ عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كُلّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ ) .
وهذه الأقوال والادعاءات فتحت الباب للخرافة ، فبذلت الجهود وضاعت الساعات في سبل خاطئة ، وحصل من ذلك ضلال كبير .
والفضيلة التي نصّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم لاسم الله الأعظم أنه إذا دعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى .
8- فائدة العلم بهذه الأسماء
أمّا الفوائد الحقيقية التي يجنيها المسلم من هذه المعرفة بأسماء الله وصفاته فيمكن أن نوجزها في عدة أمور :
1- التعرف على الله سبحانه وتعالى ، فأسماء الله وصفاته هي أعظم وسيلة تعرفنا بربنا سبحانه وتعالى ، وبدون ذلك سيبقى الإيمان بالله فكرة غامضة لا تعطي ثماراً طيبة ، وقد فصّلنا القول في صفاته وأسمائه فيما سبق ، ولله الحمد والمنة.
2- تمجيده والثناء عليه بأسمائه وصفاته ، وتمجيد الله بأسمائه وصفاته أعظم ما نمجد الله به ونثني عليه به ، وهو من أعظم الذكر الذي أمرنا به في قوله : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً ) [ الأحزاب : 41 ] .
3- دعاؤه بأسمائه وصفاته ، كما قال : ( وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] . وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أنّ واحداً من الصحابة دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أجاب .
4- زيادة الإيمان : فكلما علم العبد شيئاً عن الله وصفاته ازداد إيمانه .
5- الشعور بالقوة والثبات ؛ لأن العبد يركن إلى القوي القادر الغالب .
6- تعليق القلب بالله ، فالذي يعلم أن الرزق من عند الله يطلب منه الرزق ، والذي يعلم أن الله جبار يخاف منه ، والذي يعلم أن الله عليم يراقبه …وهكذا .
7- الأجر العظيم الذي نحصله من وراء هذه المعرفة ، فتعلم هذه الأسماء والصفات أشرف ما يمكن أن يدرس ، وتعلمها وتعليمها خير عمل يقام به .
نماذج من تمجيد الرسول عليه السلام لربه وثنائه عليه ودعائه له :
أحب أن نسوق نماذج من الكلام النبوي فيه تمجيد وثناء وحمد الله بأسمائه وصفاته ، ودعاء له بها علاوة على ما تقدم :
1- عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مرني بشيء أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت . قال : ( قل : اللهم عالمَ الغيب والشهادة ، فاطر السماوات والأرض ، ربّ كلّ شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ) . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي . (15)
2- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : ( ربّنا لك الحمدُ ، ملءُ السماوات والأرض ، ومِلءُ مَا شِئْتَ من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحقّ ما قال العبدُ ، وكُلّنا لك عبدٌ ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ ) . (16)
3- عن ثوبان – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ، وقال : ( اللهم أنت السلامُ ، ومنكَ السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) . (17)
4- عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربّ العرشِ العظيم ، لا إله إلا الله ربّ السماوات وربّ الأرض ، ربّ العرش الكريم ) . (18)
5- عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبّ الكلام إلى الله أربعٌ : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت ) وفي وجه آخر : ( أفضلُ الكلام : سُبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) . (19)
6- وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمنِ : سبحان الله وبِحمدِهِ ، سُبْحانَ الله العظيم