مقارنة بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة
وقبل أن أنهي الكلام في هذا الموضوع أقول : نحن بحاجة إلى رجال عقيدة لا إلى رجال فلسفة ، نحن نريد أقواماً يعالجون داء هذه الأمة وبلاءها ، ولن يفعل ذلك أصحاب الفلسفة والرأي .
وقد عقد الأستاذ أحمد أمين – رحمه الله – مقارنة بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة وأثر كل منهما في الحياة فقال :
فرق كبير بين أن ترى الرأي وأن تعتقده .
إذا رأيت الرأي فقد أدخلته في دائرة معلوماتك ، وإذا اعتقدته جرى في دمك ، وسرى في مخ عظامك ، وتغلغل في أعماق قلبك .
ذو الرأي فيلسوف يقول : إني أرى صواباً ما قد يكون في الواقع باطلاً ، وهذا ما قامت الأدلة عليه اليوم ، وقد تقوم الأدلة على عكسه غداً ، وقد أكون مخطئاً فيه ، وقد أكون مصيباً .
أما ذو العقيدة فجازم بات ، لا شك عنده ولا ظن ، عقيدته هي الحق ، لا محالة ، وهي الحق غداً ، خرجت عن أن تكون مجالاً للدليل ، وسمت عن الشكوك والظنون .
ذو الرأي فاتر أو بارد ، إن تحقق ما رأى ابتسم ابتسامة هادئة رزينة ، وإن لم يتحقق ما رأى ، فلا بأس ، فقد احترز من قبل بأنّ رأيه صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب ، ذو العقيدة حار متحمس ، لا يهدأ إلا إذا حقق عقيدته .
ذو الرأي سهل أن يتحول وأن يتحوّر ، هو عند الدليل ، أو عند المصلحة تظهر في شكل دليل ، أما ذو العقيدة فخير مظهر له ما قاله رسول الله : ( لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي ، على أن أدع هذا الذي جئتُ به ما تركته ) . (1)
الرأي جثة هامدة ، لا حياة لها ما لم تنفخ فيها العقيدة من روحها ، والرأي كهف مظلم لا ينير حتى تلقي عليه العقيدة أشعتها ، والرأي مستنقع راكد يبيض فوقه البعوض ، والعقيدة بحر زاخر لا يسمح للهوام الوضيعة أن تتوالد على سطحه .
والرأي سديم يتكون ، والعقيدة نجم يتألق .
الرأي يخلق المصاعـب ، ويضاعف العقبات ، ويصغي لأماني الجسد ، ويثير الشبهات ، ويبعث على التردد ، والعقيدة تقتحم الأخطار ، وتزلزل الجبال ، وتلفت وجه الدهر ، وتغير سير التاريخ ، وتنسف الشك والتردد ، وتبعث الحزم واليقين ، ولا تسمح إلا لمراد الروح
وقبل أن أنهي الكلام في هذا الموضوع أقول : نحن بحاجة إلى رجال عقيدة لا إلى رجال فلسفة ، نحن نريد أقواماً يعالجون داء هذه الأمة وبلاءها ، ولن يفعل ذلك أصحاب الفلسفة والرأي .
وقد عقد الأستاذ أحمد أمين – رحمه الله – مقارنة بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة وأثر كل منهما في الحياة فقال :
فرق كبير بين أن ترى الرأي وأن تعتقده .
إذا رأيت الرأي فقد أدخلته في دائرة معلوماتك ، وإذا اعتقدته جرى في دمك ، وسرى في مخ عظامك ، وتغلغل في أعماق قلبك .
ذو الرأي فيلسوف يقول : إني أرى صواباً ما قد يكون في الواقع باطلاً ، وهذا ما قامت الأدلة عليه اليوم ، وقد تقوم الأدلة على عكسه غداً ، وقد أكون مخطئاً فيه ، وقد أكون مصيباً .
أما ذو العقيدة فجازم بات ، لا شك عنده ولا ظن ، عقيدته هي الحق ، لا محالة ، وهي الحق غداً ، خرجت عن أن تكون مجالاً للدليل ، وسمت عن الشكوك والظنون .
ذو الرأي فاتر أو بارد ، إن تحقق ما رأى ابتسم ابتسامة هادئة رزينة ، وإن لم يتحقق ما رأى ، فلا بأس ، فقد احترز من قبل بأنّ رأيه صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب ، ذو العقيدة حار متحمس ، لا يهدأ إلا إذا حقق عقيدته .
ذو الرأي سهل أن يتحول وأن يتحوّر ، هو عند الدليل ، أو عند المصلحة تظهر في شكل دليل ، أما ذو العقيدة فخير مظهر له ما قاله رسول الله : ( لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي ، على أن أدع هذا الذي جئتُ به ما تركته ) . (1)
الرأي جثة هامدة ، لا حياة لها ما لم تنفخ فيها العقيدة من روحها ، والرأي كهف مظلم لا ينير حتى تلقي عليه العقيدة أشعتها ، والرأي مستنقع راكد يبيض فوقه البعوض ، والعقيدة بحر زاخر لا يسمح للهوام الوضيعة أن تتوالد على سطحه .
والرأي سديم يتكون ، والعقيدة نجم يتألق .
الرأي يخلق المصاعـب ، ويضاعف العقبات ، ويصغي لأماني الجسد ، ويثير الشبهات ، ويبعث على التردد ، والعقيدة تقتحم الأخطار ، وتزلزل الجبال ، وتلفت وجه الدهر ، وتغير سير التاريخ ، وتنسف الشك والتردد ، وتبعث الحزم واليقين ، ولا تسمح إلا لمراد الروح