بسم الله الرحمن الرحيم
الصفات المميزة لأهل السنة والجماعة
الـحـمـد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وعلى آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث الافــتـراق من الأحاديث المشهورة، أخرجه كثير من أصحاب الحديث في كتبهم ، وهو كما قال عنه الحاكم: هذا حديث كثر في الأصول ومن أجمع ألـفـاظــه ، ما رواه عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «افـتـرقـــت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت الـنـصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعين في النار، و واحدة في الجنة، والذي نفسي بـيـده لـتـفـتـرقـن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار. قيل : يا رسول الله من هم؟ قال : الجماعة».
وأولى من يؤخذ منه تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم صحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.
وتفسير الجماعة المرادة في هذا الحديث فسره العالم الرباني والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-.
فعن عمرو بن ميمون قال : قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع حبه في قلبي ، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام. ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود، فذكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال : صلوها في بيوتكم ، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. قال عمرو بن ميمون : فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي : يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك.
وعن الحسن البصري قال : الــسـنـة، والذي لا إله إلا هو، بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ؛ فإن أهل الــســنــة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي؛ الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم ، فكذلك إن شاء الله فكونوا.
وعلى ضــوء مــا سبق ذكره ، فإن تعريف أهل السنة والجماعة يمكن أن يقال بأنهم : من وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً على منهاج الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين-.
ومن خلال النظر في منهج أهل السنة، وفي حال أهل البدع نجد أن لأهل السنة خصائص ومميزات تميزهم عن غيرهم ، وهذه الخصائص والمميزات نتيجة للمنهج العقدي الذي يتميزون به عن غيرهم.
ولذلك فإننا نذكر هنا أهم مميزات وخصائص عقيدة أهل السنة والجماعة:
أولاً: الاهتمام بكتاب الله – عز وجل – حفظا وتفسيرا وتلاوة، والاهتمام بالحديث معرفة وفهماً وتمييزاً لصحيحه من سقيمه، لأنهما مصدر التلقي.
ثانياً: العمل إنما يكون بالعلم، فالعلم، فالعلم ليس غاية، وإنما هو وسيلة للعمل به.
قال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنما العلم الخشية، فمن أوتي شيئاً من العلم ولم يؤت مثله من الخشوع فهو مخدوع.
ثالثاً: الدخول في الدين كله، والإيمان بالكتاب بكله، فيؤمنون بنصوص الوعد ونصوص الوعيد، وبنصوص الإثبات ونصوص التنزيه، ويجمعون بين الإيمان بقدر الله، وإثبات إرادة العبد ومشيئته وفعله، كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين الأخذ بالأسباب، وبين صدق التوكل على الله.
رابعاً: الاتباع، وترك الابتداع، ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين.
خامساً: الاقتداء والاهتداء بأئمة الهدى العدول المقتدى بهم في العلم والعمل والدعوة، وهم الصحابة ومن سار على نهجهم، ومجانبة من خالف سبيلهم.
سادساً: الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم.
ومن هنا؛ لا يمَيَّزون على الأمة في أصول الدين والاعتقاد باسم سوى: ((السنة والجماعة))، ولا يوالون ولا يعادون على رابطة سوى الإسلام والسنة.
سابعاً: التوسط
فهم في الاعتقاد وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المفرِّطين، والمفْرطين.
ثامناً: الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر، والجهاد بمفهومه الواسع الشامل وضوابطه الشرعية، وإحياء السنة بنشر العلم، وإيجاد القدوة والدعوة إلى ذلك، والعمل لتجديد الدين، وإقامة شرع الله وحُكمه في كل صغيرة وكبيرة.
تاسعاً: الإنصاف والعدل:
فهم يراعون حق الله تعالى لا حق النفس أو الطائفة، ولهذا لا يغالون في مُوَال، ولا يَجورون على مُعاد، ولا يَغمِطون ذا فضل فضله أيَّا كان.
عاشراً: التوافق في الأفهام والتشابه في المواقف رغم تباعد الأقطار والأعصار، وهذا من ثمرات وِحدة المصدر والتلقي.
حادي عشر: الإحسان، والرحمة، وحسن الخلق مع الخلق كافة.
ثاني عشر: النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ثالث عشر: الاهتمام بأمور المسلمين، ونصرتهم، وموالاتهم، وأداء حقوقهم، وكفُّ الأذى عنهم، مع دوام الدعاء لهم.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقن اجتنابه
اللهم اهدنا صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين
آمين، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
الصفات المميزة لأهل السنة والجماعة
الـحـمـد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وعلى آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث الافــتـراق من الأحاديث المشهورة، أخرجه كثير من أصحاب الحديث في كتبهم ، وهو كما قال عنه الحاكم: هذا حديث كثر في الأصول ومن أجمع ألـفـاظــه ، ما رواه عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «افـتـرقـــت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت الـنـصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعين في النار، و واحدة في الجنة، والذي نفسي بـيـده لـتـفـتـرقـن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار. قيل : يا رسول الله من هم؟ قال : الجماعة».
وأولى من يؤخذ منه تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم صحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.
وتفسير الجماعة المرادة في هذا الحديث فسره العالم الرباني والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-.
فعن عمرو بن ميمون قال : قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع حبه في قلبي ، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام. ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود، فذكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال : صلوها في بيوتكم ، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. قال عمرو بن ميمون : فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي : يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك.
وعن الحسن البصري قال : الــسـنـة، والذي لا إله إلا هو، بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ؛ فإن أهل الــســنــة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي؛ الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم ، فكذلك إن شاء الله فكونوا.
وعلى ضــوء مــا سبق ذكره ، فإن تعريف أهل السنة والجماعة يمكن أن يقال بأنهم : من وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً على منهاج الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين-.
ومن خلال النظر في منهج أهل السنة، وفي حال أهل البدع نجد أن لأهل السنة خصائص ومميزات تميزهم عن غيرهم ، وهذه الخصائص والمميزات نتيجة للمنهج العقدي الذي يتميزون به عن غيرهم.
ولذلك فإننا نذكر هنا أهم مميزات وخصائص عقيدة أهل السنة والجماعة:
أولاً: الاهتمام بكتاب الله – عز وجل – حفظا وتفسيرا وتلاوة، والاهتمام بالحديث معرفة وفهماً وتمييزاً لصحيحه من سقيمه، لأنهما مصدر التلقي.
ثانياً: العمل إنما يكون بالعلم، فالعلم، فالعلم ليس غاية، وإنما هو وسيلة للعمل به.
قال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنما العلم الخشية، فمن أوتي شيئاً من العلم ولم يؤت مثله من الخشوع فهو مخدوع.
ثالثاً: الدخول في الدين كله، والإيمان بالكتاب بكله، فيؤمنون بنصوص الوعد ونصوص الوعيد، وبنصوص الإثبات ونصوص التنزيه، ويجمعون بين الإيمان بقدر الله، وإثبات إرادة العبد ومشيئته وفعله، كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين الأخذ بالأسباب، وبين صدق التوكل على الله.
رابعاً: الاتباع، وترك الابتداع، ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين.
خامساً: الاقتداء والاهتداء بأئمة الهدى العدول المقتدى بهم في العلم والعمل والدعوة، وهم الصحابة ومن سار على نهجهم، ومجانبة من خالف سبيلهم.
سادساً: الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم.
ومن هنا؛ لا يمَيَّزون على الأمة في أصول الدين والاعتقاد باسم سوى: ((السنة والجماعة))، ولا يوالون ولا يعادون على رابطة سوى الإسلام والسنة.
سابعاً: التوسط
فهم في الاعتقاد وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المفرِّطين، والمفْرطين.
ثامناً: الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر، والجهاد بمفهومه الواسع الشامل وضوابطه الشرعية، وإحياء السنة بنشر العلم، وإيجاد القدوة والدعوة إلى ذلك، والعمل لتجديد الدين، وإقامة شرع الله وحُكمه في كل صغيرة وكبيرة.
تاسعاً: الإنصاف والعدل:
فهم يراعون حق الله تعالى لا حق النفس أو الطائفة، ولهذا لا يغالون في مُوَال، ولا يَجورون على مُعاد، ولا يَغمِطون ذا فضل فضله أيَّا كان.
عاشراً: التوافق في الأفهام والتشابه في المواقف رغم تباعد الأقطار والأعصار، وهذا من ثمرات وِحدة المصدر والتلقي.
حادي عشر: الإحسان، والرحمة، وحسن الخلق مع الخلق كافة.
ثاني عشر: النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ثالث عشر: الاهتمام بأمور المسلمين، ونصرتهم، وموالاتهم، وأداء حقوقهم، وكفُّ الأذى عنهم، مع دوام الدعاء لهم.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقن اجتنابه
اللهم اهدنا صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين
آمين، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين